الإشهار والإعلان
الغرض من الإشهاد في الزواج هو الإشهار، فإذا اتفق من يريدان الزواج مع الشهود على كتمان أمر زواجهما يقضي ذلك على العقد بعدم الصحة، لأن كتمان الزواج قام مقام عدة الشهادة، أو ألغى الهدف منها .
وأوجب الإسلام إعلان النكاح، وندب إلى إشهاره بالضرب على الدفوف وإظهار الفرح والسرور، والاحتفال به ومشاركة كل من أسرتي الزوج والزوجة، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف ] .
ومن الأحاديث التي تنص على وجوب الإعلان كذلك ما رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ أعلنوا النكاح ] ، وما رواه الترمذي والنسائي وإبن ماجه عن محمد بن حاطب الجمحي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح ] .
ويفرّق الإمام ابن القيم بين الزواج الشرعي والزوج الباطل بقوله "وشَرَط في النكاح شروطـًا زائدة على مجرد العقد، فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح بها، كاشتراط إعلانه، إما بالشهادة، أو بترك الكتمان، أو بهما معـًا، واشترط الولي، ومنع المرأة أن تليه، وندب إلى إظهاره، حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة، وأوجب فيه المهر، ومنع هبة المرأة نفسها لغير النبي صلى الله عليه وسلم وسر ذلك : أن في ضد ذلك والإخلال به ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح، كما في الأثر: "المرأة لا تزوج نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"، فإنه لا تساء زانية تقول : زوجتك نفسي بكذا سراً من وليها، بغير شهود ولا إعلان، ولا وليمة، ولا دف، ولا صوت، إلا فعلت، ومعلوم قطعًا أن مفسدة الزنى لا تنتفي بقولها: أنكحتك نفسي، أو زوجتك نفسي، أو أبحتك مني كذا وكذا، فلو انتفت مفسدة الزنى بذلك لكان هذا من أيسر الأمورعليها وعلى الرجل، فعظم الشارع أمر هذا العقد، وسد الذريعة إلى مشابهة الزنى بكل طريق.